في أمن الله !!!!...

بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم :أ.أمينة اسماعيل

وقلت : الحمد لله .. تنفست بعمق
ها قد عدت تواً من رحلة لم تكن سعيدة الى بغداد الحبيبة والى منطقتي التي بدأت ملا محها تتغير عما عرفته ...
لم تعد الامور سلسة كما كانت قبلا , كل شيء صارمختلفا , وكلها صارت اكثر تعقيداً وصعوبة ...
حتى حياة الناس داخل بيوتها لم تعد كالسابق , فليس من الممكن الآن ان يبيت كل رجل مع اهله آمنا في فراشه وبين ابناءه ...
ولم يكن حالي يختلف عن غيري ؛ وبعد جهد في اعمال المنزل و مساعدة امي يبدو انه قد سنح بعض الوقت لاعود للدراسة التي انشغلت عنها وقتا ..
وما ان امسك بكتابي عند الظهيرة , حتى علت صرخات غريبة وصوت رصاص جديد وصياح غريب .. وعاصفة هبت بلا تعليل .. صاحت بنا جارتنا : انهم قد هجموا على مسجدنا القريب ؛ وان تعالوا عندنا لان الوضع جد غريب ..
لم يكن لنا وقت للتفكير , قالت اعبروا عبر الجدار بسرعة فالوقت لايتسع لغير ذلك , فهناك زَبَدٌ اسود كثيرطفا على السطح ..
استمر صفير الرصاص ؛ ثم علت صيحات من المسجد : الله اكبر .. الله اكبر .. الله اكبـــ ..... ؛ وانقطع الصوت وعلا الرصاص ..
عند بيت جارتي هناك اكثرمن اسرة واكثر من طفل وكثير من الكلام ..
هدئت الاصوات في الخارج لكن الصدى بقي قوياً في الرؤوس وبدأت الأخبار تتوالى , المسجد الآخر , شباب من جامع الحي المجاور , الجامع الفلاني, بيت فلان الحارس , الامام والخطيب ...الخ من قائمة لاتنتهي ....
وما ان حل الليل حتى خيم الظلام والخوف وكثيرمن القلق والترقب , كان الفزع موزع بغير تساوي بين كل الحضور, التلفاز كان لايروي سوى مداهمات من قبل ميليشيات على البيوت في الحي الفلاني القريب منا, اعدام للشباب في الشوارع , اختطاف للفتيان ,, ولايعرض سوى صوراعمدة مساجد محترقة .. مصاحف ممزقة .. منابر مدمرة .. انظر الى من حولي ارى التوتر والرهبة والخوف يتناثر من العيون والافواه وانظرالى التلفاز فلا ارى الا الدمار ..ثم انظر الى الباب وكل الرعب يدخل من خلاله , ولايزال صدى التكبير يتكسر على جمجمتي وكثير من الاسئلة تهاجمني .. واني لم ارتح بعد من رحلتي المتعبة ..
ياآلــــــلـــــــــــــه..
قلت لنفسي , ان الامر لاينفع هكذا , علي ان افعل شيئاَ وإلا سيقتلني خنقاَ قلق المجهول ,سالجأ لمساحة تقلل هذا الحيران ولعلي اجد شيئاَ من الامان , سألت ام البيت ان كان بامكاني ان اجلس فيه تلك الغرفة المظلمة الخالية وحدي ...؟ فلم تمانع,
جلست على الارضية وتوجهت للقبلة بكليتي وقلبي ورفعت كفي َّ وانا اعتزاني ادعوا واحداً احداً , وكلي رجاء فهو يسمعني .. قلت : يا من تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم حالي وتعلم حالنا , ولايخفى عليك شيء من امورنا .. اللهم انك ترى وتسمع وانت القوي القادر ..
اللهم انت غياثي فبك اغوث وانت عياذي فبك اعوذ وانت ملاذي فبك الوذ ..
الله احفظنا بالاسلام قائمين واحفظنا بالاسلام قاعدين واحفظنا بالاسلام راقدين ولا تشمت بنا عدواً ولا حاسدين .... اللهم ......
ولم تمر دقائق حتى اتت الى جنبي امي واختي وصارتا تنصتان لي و تؤمنان على دعائي ثم دعت امي وصرنا نؤمن خلفها , ولم انتبه الا الى هدوء غريب قد ساد المكان , لكننا كنا منشغلين بالدعاء والإلتجاء حتى علا صوت بكاء وتأمين ورجاء دعونا طول فسحة من الدهر وختمنا آمين آمين يارب العالمين
ثم التفت خلفي فإذا بي اجد كل من في البيت من صغير او كبير قد تجمع خلفنا في تلك الغرفة التي لاتزال خافتة النور وكلهم يبكي وكلهم دعى وأمَن وأمِن ؛ لقد كانت لحظة لم انسها ان ارىالكل مجتمعاً ولم اتوقع ابداً انهم هنا ويدعون معنا .. فجاة سرت روح بشرى ونسمة رضى لامست قلوبنا ومسحت على جباهنا .. والآن االكل يشعربالسكن والاطمئنان والحمد لله .
لايزال الوقت ليلاً لكن النفوس امست آمنه ونظرت للباب فلم اررعبا , بل كان امنا متسللا عبره من غرفتنا ومن رحاب الله الآمن الذي يقدر على ملأ كل الفراغ ..
تبادلنا كلمات , بسمات , علت بعض ضحكات تبدد كثير من الشتات , فسبحان مغير الحالات ..
احتضنت وسادتي رأسي , كما فعلت بقية الوسادات .. وشعرت برحمات الله تتنزل على كل من في الدار وكل من يذكره في سرٍ اوإجهار , وقلت سبحان الذي قال:
الا بذكر الله تطمئن القلوب
أختكم إيناس